Page 96 - alamn
P. 96

‫الأمن البيئي‬                                   ‫موضوع العدد‬

 ‫الأمن البيئي والحاجة إلى‬
‫أمننة قضايا التغير المناخي‬

‫ولقد عرف «باري بوزان» (‪)Barry Buzan‬‬                                                ‫الأمن البيئي‬                ‫د‪ .‬خالد كاظم أبو دوح‬
‫أحـــد رواد مدرســـة كوبنهاغـــن الرائـــدة‬         ‫«لا يقتصـــر الأمـــن القومـــي علـــى قـــوة‬         ‫جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية‬
‫فـــي مجـــال الدراســـات الأمنيـــة النقدية‬        ‫الجيـــش وأســـلحته‪ ،‬بـــل يتعلـــق أي ًضـــا‬
‫مفهوم الأمن البيئـــي (‪Environmental‬‬                ‫بمـــوارد الميـــاه والأراضـــي الزراعيـــة‬                              ‫‪96‬‬
‫‪ )security‬بأنـــه‪ :‬الحفـــاظ علـــى المجـــال‬       ‫والغابـــات والمـــوارد الطبيعيـــة والمنـــاخ‬
‫البيولوجـــي الحيـــوي المحلـــي والعالمـــي‬        ‫وعوامل أخـــرى ناد ًرا ما تظهـــر في أذهان‬
‫باعتبـــاره مجـــا ًل أساســـ ًيا تعتمـــد عليـــه‬  ‫الخبراء العســـكريين والقادة السياسيين»‬
‫كافة الممارســـات والنشـــاطات البشرية‪.‬‬
‫وعلى هذا الأســـاس فـــإن مفهوم الأمن‬                                  ‫نورمـــان مايـــرز ‪1986‬م‬
‫البيئـــي يركـــز على حماية البيئـــة من كافة‬       ‫البيئـــة ليســـت مفهو ًمـــا أمن ًيـــا جديـــ ًدا‪،‬‬
‫الممارســـات التي يمكن أن تتســـبب في‬               ‫ولكـــن فـــي الماضـــي كان ينظـــر إليهـــا‬
‫تدهورهـــا أو تلوثهـــا بأي صـــورة‪ ،‬وتؤدي‬          ‫فـــي المقـــام الأول باعتبارهـــا ضحيـــة‪،‬‬
‫إلـــى ظواهر بيئيـــة ضارة؛ كتغيـــر المناخ‪،‬‬        ‫وليســـت ســـب ًبا للنـــزاع‪ ،‬أمـــا اليـــوم فقد‬
‫والاحتبـــاس الحـــراري‪ ،‬والتلـــوث بكافـــة‬        ‫أصبـــح دورهـــا محور ًيـــا كمتغير أساســـي‬
‫أشـــكاله‪ ،‬والجفاف والتصحـــر وغير ذلك‪،‬‬             ‫في اســـتقرار الـــدول والأقاليـــم‪ ،‬وأصبح‬
‫والتـــي من شـــأنها تهديـــد بيئة الإنســـان‬       ‫هناك توجـــه عالمي للتعامـــل مع قضايا‬
                                                    ‫التدهـــور البيئـــي ومشـــكلاته باعتبارهـــا‬
             ‫ورفاهيتـــه وأمنه وســـامته‪.‬‬           ‫تهديـــ ًدا لأهـــم جوانب الأمن فـــي الدول‪،‬‬
           ‫التداعيات الأمنية لتغير المناخ‬           ‫مـــن خـــال تقويـــض أنظمـــة الدعـــم‬
‫منذ مؤتمر الأطراف في دورته الخامســـة‬               ‫الطبيعيـــة التـــي يعتمـــد عليهـــا مجمـــل‬
‫عشـــرة المنعقـــدة فـــي كوبنهاغـــن فـــي‬         ‫النشاط البشـــري‪ .‬وفي هذا السياق أشار‬
‫ديســـمبر (‪2009‬م) بشـــأن تغيـــر المناخ‪،‬‬           ‫تقرير «مســـتقبلنا المشترك» الصادر عن‬
‫اتســـع مفهوم الآثـــار المترتبـــة على تغير‬        ‫لجنـــة «برونتلاند» عـــام (‪1987‬م)‪ ،‬وتقرير‬
‫المنـــاخ‪ ،‬وبـــدأ يشـــمل شـــبكة معقـــدة‬         ‫التنمية الإنســـانية لعام (‪1994‬م) الصادر‬
‫مـــن قضايـــا الأمـــن البيئي التـــي تتفاقم‬       ‫عـــن البرنامـــج الإنمائـــي للأمـــم المتحدة‬
‫بفعـــل أمـــور مـــن بينهـــا؛ تغير المشـــهد‬      ‫إلـــى أن الدول «غيـــر الآمنة» هـــي الأكثر‬
‫الجيوسياســـي والضغـــوط الســـكانية‬
‫والتغيـــر التكنولوجـــي ومصـــادر الطاقة‪،‬‬                                     ‫عرضة للفشـــل‪.‬‬
‫والتدهـــور البيئـــي‪ .‬ويفرض تغيـــر المناخ‬         ‫وفـــي هـــذا الســـياق‪ ،‬تبلـــور تيـــار جديد في‬
‫ضغو ًطـــا علـــى البنيـــة التحتيـــة والموارد‬     ‫الدراســـات الأمنيـــة‪ ،‬يعمـــل علـــى ثلاثـــة‬
‫اللازمة لاســـتمرار نظام الدولـــة القومية‬          ‫محـــاور أساســـية؛ المحـــور الأول‪ :‬البحـــث‬
‫ورفاهيـــة ســـكانها‪ ،‬ويســـبب تغيـــرات‬            ‫عـــن العلاقات الســـببية بين تدهـــور البيئة‬
‫ماديـــة فـــي البيئـــة الجيـــو إســـتراتيجية‪.‬‬    ‫والممارســـات الإنســـانية والاجتماعيـــة‬
‫وبذلك‪ ،‬يشـــكل تغيـــر المنـــاخ التهديدات‬          ‫المختلفـــة‪ .‬المحـــور الثانـــي‪ :‬الربـــط بيـــن‬
‫المباشـــرة وغيـــر المباشـــرة التاليـــة على‬      ‫مفاهيم البيئـــة وقضاياها والأمن‪ .‬المحور‬
                                                    ‫الثالـــث‪ :‬العمل علـــى إدراج البيئة في الفكر‬
               ‫الأمـــن الوطنـــي والدولي‪:‬‬
                                                           ‫الإســـتراتيجي للحكومـــات والـــدول‪.‬‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101